شعلة الحضارة:
رحلة عبر تاريخ الكهرباء في مصر والسعودية
مقدمة:
منذ فجر التاريخ، سعى الإنسان لتسخير طاقات الطبيعة لخدمة احتياجاته، فانبثقت من ظلمة الليل شعلة الكهرباء، مُنيرةً دروب الحضارة ورافعةً راية التقدم. في هذا المقال، نُبحِر عبر رحلة تاريخية مُقارنة بين مصر والسعودية، لنكتشف مسار الكهرباء منذ إرهاصاتها الأولى حتى عصرنا الحاضر، ونُسلط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين البلدين الجارين.
مصر: فجر النور ينبثق من الإسكندرية
يُعدّ عام 1882 نقطة تحول تاريخية في مسار الكهرباء بمصر، عندما أضاءت شوارع الإسكندرية لأول مرة بفضل جهود المهندس الإيطالي "جوزيبي أريالدي".
ومع مطلع القرن العشرين، شهدت مصر تأسيس أول شركة كهرباء عام 1902، لتُصبح القاهرة ثاني مدينة عربية تُنار بالكهرباء.
وتُعزى خطوات التطور في مجال الكهرباء بمصر إلى جهود شخصيات بارزة، مثل "محمد طلعت حرب" مؤسس شركة كهرباء القاهرة، و"عثمان باشا فهمي" وزير الأشغال العامة الذي أطلق مشاريع كهربائية ضخمة.
وبحلول منتصف القرن العشرين، شهدت مصر نهضةً واسعةً في قطاع الكهرباء، مع إنشاء محطات توليد جديدة وتوسيع شبكات التوزيع.
السعودية: من ضوء المسجد إلى كهرباء المملكة
في عام 1907، أضاءت مصابيح كهربائية المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، لتصبح أول مكان في المملكة العربية السعودية يُنار بالكهرباء.
ومع بزوغ فجر الدولة السعودية الحديثة، ازداد الاهتمام بتطوير قطاع الكهرباء، فتمّ تأسيس أول شركة كهرباء في جدة عام 1927.
وشهدت المملكة خطواتٍ مُتسارعةً في مجال الكهرباء خلال العقود التالية، مع إنشاء محطات توليد جديدة وتوسيع شبكات التوزيع لتشمل مختلف أرجاء البلاد.
ولعب اكتشاف النفط والغاز الطبيعي دورًا هامًا في توفير مصادر الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء، ممّا ساهم في تعزيز مكانة المملكة كأحد كبار منتجي الطاقة في العالم.
نقاط تشابه:
- البداية من المدن الكبرى: انطلقت رحلة الكهرباء في كل من مصر والسعودية من المدن الكبرى، فكانت الإسكندرية والقاهرة بالنسبة لمصر تاريخيا اولا، وجدة بالنسبة للسعودية لاحقا، بوابات النور التي أضاءت دروب الحضارة التاريخية للكهرباء في مصر.
- الدور الحكومي المحوري: لعبت الحكومات في كلا البلدين دورًا هامًا في تطوير قطاع الكهرباء، من خلال إنشاء شركات كهربائية حكومية وتنفيذ مشاريع ضخمة لتوليد وتوزيع الكهرباء.
- الطموح نحو التوسع: اتسمت مسيرة الكهرباء في مصر والسعودية بالطموح نحو التوسع، فشهدت البلدين خطواتٍ مُتسارعةً في إنشاء محطات توليد جديدة وتوسيع شبكات التوزيع لتشمل مختلف المناطق.
نقاط اختلاف:
- الأسبقية التاريخية: تُعدّ مصر رائدةً في مجال الكهرباء على مستوى العالم العربي، حيث أضاءت شوارع الإسكندرية قبل أي مدينة عربية أخرى.
- وفرة الموارد: تتمتع السعودية بوفرةٍ أكبر من الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز الطبيعي، ممّا وفر لها مصادر طاقةٍ وفيرةً لتوليد الكهرباء.
- التركيز على الطاقة الشمسية: تُولي السعودية اهتمامًا خاصًا بتطوير الطاقة الشمسية كبديلٍ مستدامٍ للطاقة الأحفورية، بينما لا تزال مصر في بداية مسارها في هذا المجال.
خاتمة:
تُقدم رحلتنا عبر تاريخ الكهرباء في مصر والسعودية شواهدَ على التقدم الحضاري الذي حققه البلدان في هذا المجال الحيوي.
فمن إضاءة شوارع الإسكندرية لأول مرة، إلى إنشاء محطات توليد ضخمة وتوسيع شبكات التوزيع، سطرت مصر ثم السعودية